دور اسرائيل فى الصراع على مياة النيل

خطورة الخلاف الحالي بين دول منابع النيل ودول المصب هو تصاعد التدخل الإسرائيلي في الأزمة عبر إغراء دول المصب بمشاريع وجسور وسدود بتسهيلات غير عادية تشارك فيها شركات أمريكية، بحيث تبدو إسرائيل وكأنها إحدي دول حوض النيل المتحكمة فيه أو بمعني أخر،  الدولة "رقم 11" في منظومة حوض النيل، والهدف بالطبع هو إضعاف مصر التي لن تكفيها أصلا كمية المياه الحالية مستقبلا بسبب تزايد السكان والضغط علي مصر عبر فكرة مد تل ابيب بمياه النيل عبر أنابيب وهو المشروع الذي رفضته مصر عدة مرات ولا يمكنها عمليا تنفيذه حتي لو أردت لأنها تعاني من قلة نصيب الفرد المصري من المياه كما ان خطوة كهذه تتطلب أخذ أذن دول المنبع.


دول حوض النيل 

الدور الخفى فى أزمة مياة النيل له أبعاد تاريخية قديمة، ظهرت الفكرة بوضوح حينما أسس ثيودور هرتزل الحركة الصهيونية عام 1903 م، وتقدم إلى بريطانيا بطلب توطين اليهود فى سيناء واستغلال ما فيها من مياة جوفية، وطبيعى الاستفادة من مياة النيل، الغريب أن البريطانيون قد وافقوا مبدئياً على هذا الطلب، لكن أن يتم تنفيذها فى سرية تامة. 

بعد ذلك تم الرفض من قبل الحكومة المصرية أعقبها رفضاً من الإنجليز بعد الأزمة الإقتصادية أوائل القرن واندلعت الحرب العالمية الأولى. 

ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية 

مشاريع اسرائيل لاستغلال مياة النيل :- 

كان على مر التاريخ هناك أربعة مشاريع كانت إسؤائيل تسعى خلفها ولكنها فشلت ، لكن كللتها بالمشاريع الإثيوبية الحالية . 

1- مشروع استغلال الآبار الجوفية :- 



قد قامت اسرائيل بحصر مجموعة كبيرة من الآبار الجوفية المصرية بالقرب من الحدود، وكشف تقرير أعدته لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب 1991 م أن اسرائيل تسرق المياة الجوفية من سيناء منذ عشر سنوات من هذا التاريخ، وذلك عن طريق سحب المياة باستخدام آليات حديثة. 

2- مشروع إليشع كالي :- 



اليشع كالى مهندس إسرائيل فى عام 1974 م طرح مشروعاً بعنوان مياة السلام،وكان ملخصه توسيع ترعة الإسماعيلية لزيادة تدفق المياة، وتنقل المياة أسفل القناة بعد اتفاقيات السلام. 

3- مشروع يؤر:- 


كان هذا المشروع بمثابة مباحثات بين الخبير الإسرائيلي شاؤول أورلوزوروف والرئيس السادات خلال مباحثات كامب ديفيد حول شق ست قنوات تحت قناة السويس لنقل 1 مليار متر مكعب وذلك يكفى رى صحراء النقب وقطاع غزة ، لكن لم تتم على شىء . 

4- مشروع ترعة السلام :- 



اتفاقية كامب ديفيد ومحاولات التسلق للحصول على المال 

هذا المشروع من اقتراح الراحل أنور السادات، وكان الغرض منه نقل مياة النيل إلى مدينة القدس ختى تكون المياة فى يد من يتردد على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط المبكى، وقد لاقى المشروع ردود أفعال قوية من المعارضة المصرية والحكومة الأثيوبية، لذا صرح رئيس الوزراء المصرى آنذاك أن ما قيل على لسان السادات إنما لإظهار النية الحسنة وليس تنفيذاّ للمشروع .

إسرائيل وسدود حوض النيل :- 

من الواضح لدينا فشل إسرائيل فى هذه السنوات من الإستيلاء على مياة النيل فباتت \ورها حفياً خلف الستار حتى تنال ما تريد. 

حيث أن إسرائيل تطمع بصورة غير مباشرة بأن تكون لها اليد العليا فى التأثير على حصة مياة النميل التى تأخذها دول المصب حيث تمت مخاطبة إثيوبيا مراراً وتكراراً بصورة غير مباشرة ، من خلال تصريحات تقول : يجب  أن يكون لدول حوض النيل نسبة أكثر بكثير من دول المصب، وباتت إسرائيل والشركات الأمريكية لها اليد العليا فى جميع المشاريع التى تم تأسيسها فى إثيوبيا. 

بدأ الدور الإسرائيلى بالنشاط، حيث تم الاتصال برئيس الوزراء زيناوى وذهب الأخير إلى تل أبيب فى عام 2004، وباتوا باتصال بإوغندا مستغليين أن هذه الدول قد أبرمت الاتفاقية الأولى عام 1929 مع الحكومة البريطانية التى كانت مستعمرةً للبلاد، وبما أنها الآن بكامل حريتها لها الحق فى تعطيل العمل بمثل هذه الإتفاقية، على الرغم من أن هذة الإتفاقية تُقر بحصة مصر المكتسبة من النيل وإنها لها حق الإعتراض فى حال إنشاء هذه الدول لأى سدود. 



بعد التدخلات الإسرائيلية نشأت المناوشات بين دول حوض النيل ودول المصب خاصة مصر وإثيوبيا، كذلك انضمت كينيا وأوغندا وطالبوا مصر بالتفاوض، وبعدها تم عقد اتفاقية كاجيرا عام 1977 بإلغاء اتفاقية 1929 القديمة وأعقبتها إثيوبيا برفض اتفاقيتي 1929 و 1959 وبدأت فى مشاريعها الضخمة فى الرى منذ نظام منجيستو الماركسي حتى النظام الحالى، وقد قامت بالفعل بإنشاء سد فيشا على النيل الأزرق بتمويل من بنك التنمية الأفريقي وافترض أنه تم التأثير على حصة مصر بمقدار سبعة مليارات متر مكعب سنوياً. 

وأعقبها إعلان كينيا رفضها وتنديدها للاتفاقية القديمة وشرعت هى الأخرى فى بناء السدود لتخزين المياة داخل الحدود مما أثر على حصة دول المصب. 

تعتبر الجبهة السودانية هى الأقرب بالتحالف مع الجبهة المصرية والعائق الرئيسي أمام القوى الخارجية طوال تلك السنوات . 


الربيع العربى وآثره فى بناء السد:-  

تعتبر ثورات الربيع العربى سبباً رئيسياً فى تنفيذ مشاريع السدود على ضفاف النيل من قبل دول حوض النيل وبالأخص إثيوبيا، وذلك باستخدام استراتيجية منظمة لتكتلات عالمية كبيرة، حيث أنه أصبح الوقت مناسباً لإقامة السدود ، بعد ما اشتد الصراع الداخلى فى بلاد المصب بين الثوار مما خلق مناخاً جيداً لتنفيذ مثل هذا المشروع الضخم الذى سيؤثر حتما على واقع المياة بنهر النيل العظيم. 



عندما أدركت إثيوبيا بالإضراب الواضح فى الشئون الداخلية بمصر والسودان عقب الثورات ، أن لن يكون هناك رادعاً أمام هذه الدول إلا التفاوض وتحصل دول الحوض على ما تريد ومنا تأخذ التكتلات العاملية وتستفيد من مشاريعها الضخمة ، فقد علم الجميع أن بعد ثورة يناير لن يكون هناك رداً عسكرياً ، حيث فقدت مصر كثير من شخصيتها عقب الإضطراب الداخلى الذى حدث فيها، دون المعيب على ثورة يناير لكن قد استغلت دول حوض النيل الأمر باستراتيجية الحروب ووضعت مصر أمام أمراً واقعاً لابد منه لجميع الأطراف .

ونتمنى أن يكون هناك وفاق واتفاق بين البلدان وذلك بدافع الإنسانية بعيداً عن المصالح الشخصية وتعنت الحكومات، حيث أن المياة تمثل الحياة بالنسبة للإنسانية ولابد أن يُؤخذ هذا بعين الإعتبار، حتى يكون هناك محبة بين الشعوب ولا داعى لزرع الكراهية بين الأخوة فى الإنسانية ، وهذا يعتبر من شأن المجتمع الدولى بشكل علم والمجتمع الإفريقي بشكل خاص. 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Report about Depression

الجوانب الإصلاحية فى فكر الإمام محمد عبده

العالم على شفى الهاوية ( الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918 )