نقفور الشهير لدى المسلمين (ملك الروم وامبراطور بيزنطة)



يعد نقفور من أشهر الحكام الروم فى تاريخ المسلمين، حيث يأتى بعد هرقل الذى عاصر بداية ظهور الإسلام فى شبه الجزيرة العربية، وحاربه الرسول الكريم وأصحابه من بعده حتى أرجعوه إلى حدود الشام والأناضول. 

أعتبرت الإمبراطورية البيزنطية مداداً للإمبراطورية الرومانية، ويعتبر التاريخ البيزنطى مرحلة جديدة من التاريخ الرومانى، وقد مهد لظهورها دقلديانوس ومن بعده قسطنطين الكبير الذى بنى القسطنطينية . 


قنسطنطين الكبير مؤسس القسطنطينية والإمبراطورية البيزنطية 

الإنقلابات هى التى جعلت نقفور إمبراطوراً على البلاد:- 

حكم نقفور الأول الإمبراطورية البيزنطية منذ عام 802 إلى عام 811 م، وكان منتمياً إلى الأسرة الأيسورية التى حكمت بيزنطة قرناً من الزمان. 

كان قسطنطين السادس الشاب امبراطوراً على البلاد وقد كان قاسياً لعوباً متهوراً مما أثر على أحوال البلاد البيزنطية،فتمت المؤامرة ضده والغريب أن رأس المؤامرة كانت أمه الملكة إيرين وتم خلعة بالفعل وقتله بنفس الغرفة التى ولد بها وتنصيب إيرين إمبراطورة لبيزنطة عام 797 م .


 قسطنطين السادس ووالده ليو الرابع 

وبعد تولية امرأة لمقاليد الحكم بالإمبراطورية الرومانية الشرقية المتمثلة فى بيزنطة، إعترض البابا والملك شارل الكبير الذى سيطر على مقاليد الإمبراطورية الرومانية الغربية قوة واغتصاباً، لكن بيزنطة كانت مضطربة فعليا بسبب الجريمة التى ارتكبتها إيرين بحق ولدها الإمبراطور الفعلى للبلاد، وزاد على ذلك خضوعها لشارل الكبير والباباوية فى روما واقرارها بالزواج منه ودمج الإمبراطوريتين وهو الأمر الذى لا يرتضى به البيزنطيين لإختلاف المذاهب بينهم. 


الإمبراطورة إيرين

فى عام 802 تحدث ثورة عارمة فى البلاد على إيرين يتزعمها وزير الخزانة نقفور، وتقتلع الثورة الإمبراطورة إيرين من على عرش البلاد ويتم تنصيب نقفور إمبراطوراً عوضاً عنها، وتسجن إيرين وتموت قهراً بعد خمس سنوات. 


نقفور وولي عهده على العملة البيزنطية 

نقفور هذا ينتمى إلى أصل عربى، فقد هاجر جده إلى أسيا الصغرى وترعرع هناك وتدرج فى الوظيفة حتى أصبح وزيراً للخزانة، وقد كان معارضاً لإيرين وسياستها، ليصبح كبير المعارضين وقائدهم، حتى أطاح بها بثورة كبيرة كما ذُكر، وقد كان ماهراً فى الأمور المالية فاستطاع إصلاح البلاد بعد أن تخلص من جميع قادة الجيش ورؤوس الإقطاع فى البلاد، وفرض قانوناً للضرائب آثرى به خزانة البلاد.


البابا لاون الثالث يتوج شارلمان إمبراطوراً للرسام الفرنسي جان فوكيه

نقفور وصراعة العسكرى مع المشرق والمغرب:- 

على الرغم من أنه ليس من قادة الجيش إلا أنه أدخل قانوناً جديداً على الجيش جعل أعداده تكثر بكثير عن ذي قبل وبتكاليفاً أقل من المعتاد، حيث أنه أصدر أمراً بتجنيد الفلاحين وإلزام القرى بإمدادهم بالعتاد، وقد كانت الإمبراطورية تعتمد على صغار المُقطعين ممن يؤدوا الخدمة العسكرية، كما اهتم بالحدود بإرسال جماعات من البلقان لبناء مستعمرات بها، وأصبحت درعاً للدفاع عن الإمبراطورية من أخطار المعتدين. 


خريطة العالم 802م

استطاع نقفور النصر على البلغار والسيطرة على البلقان، وبعدها استطاع إخضاع جنوب اليونان، استطاع إخضاع السلاف واسترقاقهم بأعداد كبيرة، وأيضا استطاع فرض رأيه على الصقالبة ليحقق نجاحاً مذهلاً فى الغرب فى مدة قصيرة. 

نقفور وهارون الرشيد:- 

اصطدم نقفور بالمسلمين حينما امتنع عن دفع الجزية للخلافة العباسية، وتطاول على الخليفة العباسي هارون الرشيد فى رسالة طالباً منه رد الأموال التى أخذها ممن كان يدفعها قبله وكان فيها : "فإن المرأة وضعتك موضع الرخ، ووضعت نفسها موضع الشاه، فأدي إلي ما كانت المرأة تؤدى إليك"، إذ أنه طلب صراحة ما كانت إيرين تؤديه من جزية للرشيد. 

أرسل إليه الخليفة الرشيد رسالة قائلاً فيها : " من عبدالله هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، أما بعد فقد فهمت كتابك والجواب ما تراه لا ما تسمعه". 

رسم تخيلي للخليفة هارون الرشيد 

تقدم الرشيد على رأس جيوشه إلى الأراضى البيزنطية عام 803 : 806 واستولى على بعض الحصون المنيعة على أطرافها ثم احتل هرقلة وقلعة اللؤلؤة التى اتخذها قاعدة لإرسال جيوشه منها إلى سائر الجهات، ذعر نقفور وبات يتخبط بين جدران قصره بالقسطنطينية، وبات خطر المسلمين وشيكا وقريباً من تدمير ما بناه، فأرسل إلى الرشيد يناشده الصلح ودفع مبلغ خمسين ألف ديناراً ذهبياً مقابل إنسحاب القوات الإسلامية، وتم عقد الهدنة وأصبحت بيزنطة تؤدى أضعاف الجزية التى كانت تدفعها إيرين للعباسيين. 

نهاية نقفور وأبناءه :- 

بعد هزيمة نقفور من المسلمين ظهر على الساحة ملكاً جديداً للبلغار يدعى الملك كروم وكان ماكراً ماهراً مقداماً فى الحروب، وأعلن الحرب على بيزنطة فى عام 811 واستولى على بعض المراكز البيزنطية فى البلقان، فخرج إليه نقفور على رأس جيش كبير مع أبنائه، وتقدم نحو العاصمة البلغارية دون مقاومة، وحينما أضرم حصاراً على العاصمة المستسلمة أرسل إليه كروم مناشداً الصلح، لكن نقفور أخذه الغرور والإصرار على الحرب واقتحم المدينة وسرق خزائن الملك، وأخذ يفتعل المحارق والمذابح فى العاصمة. 


كروم خان الملك البلغارى الذى أرهق الدولة البيزنطية طيلة حياته

توسل إليه كروم لعقد الصلح، لكن نقفور أصر على تدمير مملكة البلغار، وبدأ يتتبعهم فى الجبال، لكن استطاع كروم بالمكر والحيلة أن يحصر جيش نقفور بين الجبال ويهاجمه من حيث لا يرى ولا يدرى ، وتمزق الجيش البيزنطى ، ولقي نقفور حتفه فى المعركة مع أبناءه فى يوليو 811 م وانتهى حكمه الذى استمر تسع سنوات.   


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Report about Depression

الجوانب الإصلاحية فى فكر الإمام محمد عبده

العالم على شفى الهاوية ( الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918 )